للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا القرن، إنه الشيخ حسن البنّا (١). أقام لنا حفلة شاي في دار الإخوان التي اشتروها في الحلمية الجديدة، لولا الخجل لقلت إنني أنا المقصود بهذه الحفلة، إكراماً منه لي لا استحقاقاً مني لها. بقيت مُحِباً له من بعيد صديقاً مُخلِصاً أدعو له بظهر الغيب، ولكنني -على طريقتي- ما انتسبت إلى جماعة الإخوان ولا إلى غيرهم من الجماعات.

خطبت في هذا الحفلة وخطب الشيخ الحامد، وخطب الشيخ حسن، وهو في خطبه التي يلقيها كما تُلقى الأحاديث، بلا انفعال ظاهر ولا حماسة بادية، مِن أبلغ مَن علا أعواد المنابر. تفعل خُطَبه في السامعين الأفاعيل وهو لا ينفعل، يُبكيهم ويُضحكهم ويُقيمهم ويُقعدهم، وهو ساكن الجوارح هادئ الصوت، يهزّ القلوب ولا يهتزّ.

وأعرف في الخطابة طريقتين: الطريقة التي نشأنا عليها أول عهدنا في ارتقاء المنابر والتي كان عليها الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله (وأنا أَسَنّ منه بكثير) والأستاذ عصام العطّار والأستاذ الصواف الذي سأتكلم عنه الآن، وطريقة الشيخ حسن البنا والدكتور عبد الرحمن الشهبندر. وكلّ هؤلاء من الخطباء الأبيِناء


(١) لمّا شرعت أكتب في «الرسالة» في أوائل عهدها كان القُرّاء يحسبونني شيخاً كبير السنّ، وقد ظنّ الشيخ حسن ظنّهم ونسي أنه لقيَني عند خالي شاباً. وعندي منه رسالة بخطّه يخاطبني بها خطاب طالب صغير للشيخ الكبير، مع أنه الأكبر سِنّاً وقدراً ومنزلة وأثراً صالحاً رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>