بشر. وأن الإسلام باقٍ خالد وأن أهله لهم المنصورون، وأن العاقبة لهم وإنْ كتب الله الظفر حيناً لعدوّهم في معركة من المعارك عليهم لما خالفوا عن أمره ولمّا اتبعوا غير سبيله. فليس هذا تعذيباً من الله للمؤمنين ولكنه تأديب لهم أن يعودوا لمثله. وقلت إننا بين أمرين: إما أن ننصر الله فينصرنا ويكون لنا بذلك عِزّ الدنيا وسعادة الآخرة، وإما أن نقعد عن نصرة ديننا ونهمل شريعتنا، فيستبدل الله بنا غيرنا، فيدخل في الإسلام شعب حيّ عامل كشعب الألمان أو اليابان فيحملوا هم لواءه ويصيروا هم أولياءه، ونرجع نحن كفقراء اليهود: لا دنيا ولا دين، نسأل الله السلامة من هذا المصير.
وأبلغُ الخُطَب ليس الذي يَحشد فيه الخطيب أضخم الألفاظ وأبلغ الجُمَل ويسوق فيه أروع الشواهد، ويهدر بذلك هدراً ويتكلم فيه مع لسانه يداه وعيناه. بل إن أبلغ الخُطَب ما قلتَ فيه الحقيقة التي تدخل قلب السامع، فيؤمن بها ويصدّقها ويقول لك: صدقت. على أن توقد تحتها نار العاطفة لا أن تعرضها قضية منطقية باردة تخاطب العقل ولكن لا تهزّ الروح ولا تحرّك القلب، وأن يكون كلامك من قلبك قبل لسانك.
صرت كلّما وجدت في جلسات المؤتمر مجالاً لإحدى الثلاث التي ندبتُ نفسي لها وقصرتها عليها حضرت معهم، فإن لم يكن شيء منها بَعُدت عن هذه المجالس وأويت إلى غرفتي في الفندق. وصرت ألقى على انفراد مَن اصطفيت من أعضاء المؤتمر، فكانت لنا لقاءات مع الشهيد السعيد سيد قطب كان يحضرها عصام وزهير ويحضرها أحياناً أديب صالح، وكنّا لا نفترق إلاّ قليلاً، وأُخذت لهذه الجلسات صور نُشر بعضها.