للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يقطف من الحطب العنب ولا من الشوك الرطَب.

ورُبّ قائل يقول لي: إنك لم تستوفِ الكلام عن المؤتمر؛ لم تصِفْ جلساته ولم تسرد مقرّراته ولم تُفِض في بيان أعماله. وهذا الذي قالوا حقّ، وأنا كتبت منه ما رأيت. كتبت ذكرياتي ولم أكتب تاريخ المؤتمر، كنت فيه ولم أكُن حاضره.

لا تعجبوا من هذا الكلام، فلقد كنت فيه على الهامش أمسّ محيط الدائرة مسّاً، أما الذي كان في مركزها وكان هو قطب المؤتمر، وهو الداعي إليه والساعي لإقامته وهو الذي جمع له المال، وهو الذي يعرف ظواهره ودواخله وباديه وخافيه، فهو رجل اسمه الشيخ محمد محمود الصواف. فاسألوه يُجِبْكم واستكتبوه يكتُبْ لكم، عن المؤتمر وعن الدعوة إلى الإسلام في شباب العراق التي كان له شرف حملها. إن عنده صفحة من تاريخ العراق الحديث، كما أن عند الدكتور معروف الدواليبي صفحة أخرى من تاريخ الشام، فخذوهما منهما وانسخوهما عنهما، قبل أن تفقدوهما وتفتّشوا عنهما فلا تجدوهما.

على أني لن أدع المؤتمر وأسافر قبل أن أذكر بالخير فتية أحسنوا إليّ، فلم يفارقوني ولم يضنّوا عليّ لحظةً أن يؤنِسوني ويُعينوني. كانوا يومئذ فتية كراماً وصاروا الآن أساتذة أعلاماً، لهم كتب ولهم مصنّفات ولهم مآثر ظاهرات، ولهم في الإصلاح أثر وفي الصلاح مكان: عصام العطار وزهير الشاويش وأديب صالح، وصحب لهم مثلهم وإن لم أذكرهم الآن كذكري إياهم.

أمّا عصام فقد عرفتم مكانه مني وصِلَته بي، وأمّا زهير

<<  <  ج: ص:  >  >>