للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاشوا في الأندلس، ولكن الله نبّهه فعاد بهم من حيث جاء، وعصمهم من فتنة هذه الحضارة الرخوة الضعيفة.

ورحم الله شيخنا الرافعي إذ قال في نشيده الإسلامي الذي لم يُنظَم مثله:

إنما الإسلامُ في الصّحرا امتهَدْ ... لِيَجيءَ كلُّ مسلمٍ أسدْ

ومن أعجب ما رأيت في هذه الرحلة (وما لا أزال أذكره إلى الآن) أنني سمعت وأنا في قلب الصحراء حديث علي الطنطاوي الذي كان حدّث به في غرفة من دار الإذاعة في شارع جمال باشا في دمشق قبل أسبوعين من ذلك التاريخ. سجّلته في الشام وسمعته بعد ذلك في الصحراء، أفلا تعجبون من ذلك؟

لو قيل لأكبر علماء الأرض قبل مئة سنة إن هذا سيكون لَجُنّ أو لَحَسِبَ القائل مجنوناً. ونحن لو سمعنا بما سيكون من العجائب بعد مئة سنة لصرنا كلّنا مجانين. هذا ونحن في الدنيا، فكيف بما سيكون في الآخرة؟

* * *

ووصلنا الرطبة في آخر النهار. ولقد مررت بالرطبة مرات لست أحصيها، حين ذهبت إلى بغداد أوّل مرة وحين رجعت منها في عطلة الصيف، وحين عدت إليها في السنة التي بعدها مرات ومرات لم أعُد أعرف عددها.

كانت الرطبة يومئذ محطّة سيارات ومركزاً للجوازات ولا شيء وراء ذلك، فرأيتها هذه المرة (١٩٥٤) قد صارت قرية فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>