للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سومر، دخلته مستأنساً ونمت فيه هانئاً وأصبحت فيه مستريحاً، وسمعت أذان الفجر من جامع السيد سلطان علي الذي قابلْنا فيه شيخَ علماء العراق الشيخ إبراهيم الراوي سنة ١٩٣٦.

ثم جاؤوا فأخذوني إلى دار الأخوّة الإسلامية في باب المعظم، فإذا دنيا جديدة وإذا ناس غير من عرفت من الناس؛ كأنني كنت في جاهلية وأدركت الإسلام: شباب مؤمنون صالحون إنْ سلَكَ أمثالُهم طرقَ الغواية واللذّة سلكوا هم طرق العبادة والصلاح، يَدَعون هوى نفوسهم لطاعة ربهم، مجالسُهم أنس وحديثهم عبادة وصحبتهم خير وبركة.

أين كان هؤلاء قبل سبع عشرة سنة لمّا كنت أدرّس في العراق؟ كيف كانت هذه النهضة الإسلامية؟ جزى الله الشيخ الصواف الذي يرجع إليه بتوفيق الله وبنعمته الفضل فيها. ولا أحسب أنه يقع في وهم أحد منكم أني أقول هذا مجاملة له أو رغبة فيه أو رهبة منه؟ لا يا سادة، ولكن أقوله شهادة حقّ إن كتمتها كنت مِمّن وصفه الله بأنه آثمٌ قلبُه. على أن أنفع له من ثنائي عليه دعائي له، فجزاه الله خيراً ووفّقه ووفّقني إلى ما يُرضيه، وأكثرَ الدعاة إلى الله وألّف بين قلوبهم، وأذهب الخلف بينهم ونزع الحسد والغِلّ من قلوبهم وحقّق الخير على أيديهم.

كان الشباب الذين يقابلونني يسألونني: أين نزلت؟ فإذا سَمّيت لهم الفندق الذي نزلت فيه فتحوا عيونهم دهشة وقلبوا وجوههم استنكاراً، كأنني أقول منكَراً من القول أو كأنني أخبر عن منكَر من العمل، أو «كأنني أفطرت في رمضان» كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>