للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبدو منها الساعد والنحر وأعلى الصدر، تتهدّل خصلة من شعرها على جانب جبينها، فكلّما تكلّمت اهتزّت فسقطت على عينيها فأزاحتها بيدَيها، قصيرة الثوب، ما أنعمت النظر إلى ساقها لأعرف هل تلبس جوارب أم هي كاشفة الساق؟

دخلَت غير محتشمة ولا مستحيِية، كأنها رجل يدخل على رجال أو كأنها حسبَتنا نساء تتكشّف أمامهن كما تتكشّف أمام النساء. وما طالت حيرتي في أمرها ودهشتي منها حتى سمعت المدير يقدّمها إليّ يقول: أعرفك بفلانة (نسيت اسمها)، مدرّسة الأدب العربي. ومدّت يدَها لتصافحني فتأخّرت لحظة ثم قبضت يدي، وقلت كلمة اعتذار ما أعجبَتها.

وأسرعت لأتخلّص من هذا الموقف فسألت المدير: هل تدرّس الآنسة هنا في مدرسة كلّ طلاّبها شباب؟ فابتدرَت هي الجواب وقالت للمدير بجرأة عجيبة: يظهر أن الأستاذ لم يعجبه أن أدرّس هنا. قلت للمدير: اسمح لي أسألك، هل الآنسة مسلمة؟ قالت وقد انقلبَت كالنمرة المتوحّشة: وما دخل الإسلام في الأمر؟ قلت: يا آنسة، أنا لم أخاطبك وإنما خاطبت المدير. فإن كنت مسلمة فالإسلام يدخل حياة المسلم كلها، يكون معه إن كان وحده أو كان مع أهله، أو كان في سوقه أو كان في مدرسته، يبيّن له حكم كل عمل من أعماله، لأنه ليس في الإسلام عمل يعمله المسلم إلاّ وله حُكم في الشرع.

ورأيت أن الكلام معها لا يُفيد، فقمت فسلّمت على المدير وانصرفت، ودمي كلّه يغلي في عروقي وغضبي يضرب قحف رأسي. وذهبت فسألت مَن لقيت من الشبّان في «دار الأخوّة

<<  <  ج: ص:  >  >>