للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سماعية ليست قياسية، واللفظ بها شنيع. وهم مع ذلك قد فرضوها على رُبع العالَم، لأن أصحابها أهل اعتزاز بها وحرص عليها، ونشاط في تسهيل تعليمها والدعوة إليها، حتى إننا نجعل لها في مدارسنا خُمس الساعات الأسبوعية أو سُدسها ونوزّع الأخماس الأربعة على الدروس الباقية كلها، ثم لا يأخذ منها أبناؤنا ما يسهّل عليهم الدراسة بها إذا ذهبوا يُتِمّون تعليمهم في البلاد الأخرى بل يُمضُون سنة من أعمارهم في تعلّمها من جديد.

ولغتنا العربية أكمل لغات الأرض بلا جدال، صارت لغة كاملة قبل أن يُوجَد في الدنيا كلها من يقول عن نفسه أنا إنكليزي وقبل أن تعرف الأرض هذا الجنس، ولا أقول المبارك. ولم يشهد التاريخ ولادتها ولا طفولتها ولم يعرفها إلاّ بالغة رشدها، لأنها أكبر من التاريخ وأقدم منه مولداً. ولا نزال نجد في هذه اللغة التي كانت مستعمَلة قبل ألفَي سنة كلمات تفي بكل ما يحتاجه أستاذ الطبّ وأستاذ الحقوق وأستاذ العلوم في الجامعة ... ولا أقول هذا خيالاً ولا فرضاً مستحيلاً، بل أُخبِر عمّا صنعه أساتذة كلية الطب في دمشق حين عرّبوا المصطلحات كلها في السنين الستين الماضية.

ولكنْ قعد بهذه اللغة العربية النبيلة، قعد بها أننا نحن أبناءها (١) لا نعتزّ بها اعتزاز الإنكليز بلغتهم الشوهاء، ولا نحرص عليها حرصهم على لغتهم ولا ننشط في تعليمها ونشرها مثل نشاطهم. بل إن فينا من يظنّ بأن من الظُّرف والحضارة أن يدَع الكلمة العربية


(١) كلمة أبناءها منصوبة على الاختصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>