الفصحى وينطق بمرادفتها من الإنكليزية أو الفرنسية، فلا نقول «خِمار» ولا «وِشاح» بل «إشارب»، ولا نقول «معطف» بل نقول «مانطو»، ولا نقول «البُرد» بل نقول «روب دو شامبر»، ولا نقول «تِقانة» بل نقول «تكنولوجيا»، وأمثال ذلك مئات.
عفواً يا سادة فقد خرجت عن الموضوع، بل أنا على الأصحّ لم أدخل بعدُ في الموضوع.
* * *
أمّا وسائل الركوب في كراتشي فكثيرة متنوّعة، منها السيارات الصغار (التاكسي)، وكنّا إن ركبناها وأسرعَت بنا لم نرَ شيئاً. ومنها عربات الخيل، ولكن الخيل ليست مهذّبةً التهذيب الكامل، فهي لا تمتنع عن أن تؤذينا ونحن خلفها بفعل قبيح أو رائحة كريهة تنقض وضوءها لو كانت متوضّئة! ومنها السيارات الكبيرة (الباصات)، ولكنها كانت تلك الأيام، سنة ١٩٥٤، عتيقة ومزعجة. وكان في كراتشي ترام يسير على المازوت (السّولار)، فلم يبقَ إلاّ الركشة.
و «الرَّكْشَة» هي المركب الشعبي في آسيا كلها، وهي في الأصل عربات صغيرة جداً تتسع لراكب واحد يجرّها إنسان مثلي ومثلكم ويعدو بها. وقد ركبتها -كما سأحدّثكم- في كلكتا، المدينة الهائلة التي كان فيها في تلك الأيام خمسة ملايين ونصف مليون، أي بمقدار سكان سوريا ولبنان والأردن (في تلك الأيام)! وكان السائق رجلاً عجوزاً لم يبقَ منه إلاّ قفص عظام، ولم أكُن أريد الركوب لأنني أخجل من الله أن أقعد في عربة يجرّها بشر، لا