اللغة العربية أحد الناس للإشراف على طبعه وتصحيحه، فوضع في ذيل الصفحة حاشية تقول إن ذلك سَبْق قلم من كرد علي وإنها قرية الريحانية التي هي في جنوبي الشام قرب القدم.
هذا الرجل الذي وكّلوه تصحيح الكتاب كان يرفع الصواب الذي أثبته كرد علي ويضع الخطأ الذي توهّمه هو! والمدرسة الريحانية قديمة، أُزيلَت لمّا افتتح الشارع الكبير الموصل إلى دار أسعد باشا العظم. وقد عرفتها وأنا صغير، وكان القيّم عليها الرجل العجيب صاحب النوادر، الشيخ عبد الجليل الدرة، الخطيب الطلق اللسان، الحاضر الدمعة متى شاء، الذي يبكي في خطبته ويستبكي الناس عندما يريد، كأن في عينيه صنبوراً يفتحه فيقطر الدمع منه! أمّا قرية الريحانية فليست جنوبي الشام كما قال هذا المصحّح العلاّمة، بل هي في شماليها قرب دوما التي أمضيت سنين من عمري قاضياً فيها (١).
ولست الآن في مجال الكلام على مدارس الشام ورجالها، وإنما تكلمت عنها صلة للحلقتين السابقتين لأبيّن موقف المشايخ وأهل الدين منها وما أنكروه عليها، ومبلغ ما جاهدوا وعملوا على إصلاحها.
* * *
وكانت عندنا ثلاث ثانويات أهلية كبيرة رؤساؤها أو مديروها كلهم من المشايخ: الكاملية، وكانت تُدعى حيناً المدرسة العثمانية،
(١) انظر الاستدراك على هذا التعليق في أول الحلقة ١٥٢ من هذه الذكريات (مجاهد).