الابتدائية كثير من الأساتذة الأعلام، كشيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار والشيخ الدكتور رفيق السباعي وشيخنا الشيخ حامد التقي، وآخرون ربما رجعت إلى الحديث عنهم. وكان يدرّس فيها من الشباب إخواننا أنور العطار وسعيد الأفغاني وسليم الزركلي وجميل سلطان وزكي المحاسني وأمجد الطرابلسي وأمثالهم.
وكل واحد مِمّن ذكرت في صدري عنه ذكريات وأنباء لو كتبتها لجاءت في صفحات كثيرة، ولكان منها تاريخ للمعلّمين في الشام.
وكانت هذه المدارس تديرها أيامَ الأتراك مديرية المعارف في الولاية، وأشهر مدير لها هو هاشم بك. ثم لمّا ذهب الأتراك آلَ أمرُها إلى وزير المعارف اسماً والمستشار (الفرنسي) فعلاً. وكان ركنا وزارة المعارف الأستاذ شفيق جبري والأستاذ مصطفى تمر، وكان أمر المحاسبة للأستاذ مصطفى القبّاني، وكان رئيس الديوان هو عبد النبي القلعي. وقد سبق الكلام أن رجال وزارة المعارف كلهم لا يجاوزون أحد عشر رجلاً، وعند المستشار أربعة أو خمسة: رئيس ديوانه (ولا أزال أذكر اسمه وهو إسبر زمباكوس)، وكان الترجمان عنده ميشيل السبع. وكلهم من النصارى، لأن الفرنسيين لا يثقون إلاّ بهم ولا يطمئنّون إلاّ إليهم، وإن جاؤوا بمسلمين فإنما يجيئون بمثل جميل الألشي وبهيج الخطيب.
وكانت للمعارف ثانوية واحدة للبنين هي «مكتب عنبر» وأخرى للبنات في طريق الصالحية، عند قبر عَرْنوس. يلحق بكل منهما دار للمعلّمين، يشاركنا طلابها في سائر الدروس وينفردون