عنّا في مادّتَي التربية وأصول التدريس، وربما تلقّوا معلومات في الصناعات.
* * *
قلت لكم إن للمدارس الأهلية معايب، ولكنها لها في مقابل هذه المعايب مزايا، من أبرزها العناية بالعلوم الإسلامية من التوحيد والتجويد والتفسير والفقه والأصول والحديث والمصطلح. وإن كان الحرص على استظهار المعلومات أكثرَ من حرصهم على إفهامها، وكانوا يلقّنون التلاميذ أحياناً ما لا تتّسع له مداركهم.
فلما جاء الفرنسيون كان أول ما صنعوه أن جمعوا العلوم الإسلامية كلها في درس واحد سمّوه درس الديانة، ثم جعلوا عنوانه التربية الدينية (في مقابل التربية الرياضية للجسم، والتربية الفنّية، أي الموسيقى والغناء والرسم). هذا، والتربية شيء غير التعليم، وإن كان أحدهما لا يُغني عن الآخر ولا بُدّ من جمعهما.
وجعلوا لذلك كلّه ساعة واحدة في الأسبوع، أي أنهم أعطوه مثل الذي يُعطى للرسم وللموسيقى وللرياضة! فما الذي يمكن أن يتلقّاه التلميذ في ساعة واحدة من هذه العلوم كلها؟ ولماذا لم يجعلوا مثلها للرياضيات بأقسامها، وهي الحساب والجبر والمثلّثات والهندسة المسطحة والهندسة الفراغية والهندسة النسبية؟ أو للطبيعيات بعلومها: الفيزياء بأنواعها والكيمياء بأقسامها والحيوان والنبات؟ هذا ما لبثنا أكثر من أربعين سنة ونحن نقوله لهم، فلا يستجيب لنا أحد ولا يريد أن يفهم عنّا أحد.