وفوجئ الناس بهذه الدعوة إلى الخروج لأن هذه السنّة قد نُسِيَت في الشام وتُركت من عهد بعيد. وكان ممّن أبى الفكرة ولم يوافق عليها شيخنا المفتي العامّ الشيخ أبو اليسر عابدين، لا رداً للسنّة ولا جهلاً بأحكامها، فمنزلته في العلم وفي التقوى ترفعه عن أن يُظَنّ به هذا الظنّ، ولكن خاف (كما قال لي) أن نخرج فنستسقي فلا نُسقى، فيشمت بنا الأعداء وتنطلق للكلام عنّا ألسنة الملحدين وأعداء الدين.
فأجبت على ذلك في الجمعة التي بعدها وقلت: إننا نخرج اتّباعاً للسنّة وندعو لأن الله أمر بالدعاء، فعلينا العمل وعلى الله الإجابة، وليس يضرّنا ألاّ يُستجاب لنا لأن لله حكمة هي أسمى من عقولنا.
وذهبت فجئت بفتاوى من المفتين. وعندنا في الشام أربعة مفتين رسميين للمذاهب الأربعة: المفتي الأكبر هو مفتي الحنفية لأنه كان المذهب الرسمي للدولة العثمانية التي استُحدث على عهدها -فيما أعلم أنا- منصب المفتي الرسمي، وهو الشيخ أبواليسر. ولم يكن من رأيه الخروج، فبيّنت للناس ما أعرف من كيفية الصلاة وأحكامها في المذهب الحنفي، وطلبت من مفتي المالكية، وكان السيد مكي الكتاني، فكتب لي بخطّه أحكامها في المذهب المالكي (وورقته أمامي الآن وأنا أُعِدّ هذه الحلقة). وكتب لي الفقيه الحنبلي الكبير الشيخ حسن الشطي، وهو أعلم من مفتي الحنابلة قريبه الشيخ جميل، أحكامَ الاستسقاء في مذهب الإمام أحمد، وكتب لي فقيه الشافعية في الشام الشيخ صالح