النفر من الضبّاط، قام هؤلاء النفر الذين لا أعرفهم من الضبّاط يقولون للحاكم: مكانك! لا تتقدّم. ارفع يدك عن الشام فإن فيها رجالاً يمنعون عنها الضيم.
كان مع أولئك السلطان، وكان معهم الجيش، ومعهم المال. أمّا هؤلاء فلم يكن معهم شيء من هذا، ولكن كان معهم سلاح لا يعرفه مَن يحكم مصر اليوم ولا تعرفه أميركا ولا روسيا. هو سهام الأسحار. هل تعرفون ما سهام الأسحار؟
لما جاء المعتصم بجنود الترك فعاثوا في بغداد وأفسدوا فيها شكا إليه أهل بغداد، فما أشكاهم (أي لم يستجِب لشكواهم ولم يُنصِفهم). فهدّدوه، فقال: بِمَ تهدّدونني والسلطان معي والجند معي والمال معي؟ قالوا نهدّدك بسهام الأسحار. قال: وما سهام الأسحار؟ قالوا: نقوم في الساعة التي تُفتَح فيها أبواب السماء وينادي فيها منادي الله: ألا هل من مستغفِر فأغفر له؟ ألا هل من سائل فأعطيه؟ فنمدّ أيدينا ونقول: يا ربّ عليك بعبدك المعتصم. فجزع المعتصم وقال: ما لي بذلك من طاقة. وبنى مدينة سُرّ مَن رأى ونقل الترك إليها.
هذا الذي أعان هؤلاء الضبّاط.
هذا لتعلموا أن النصر ليس بالعَدَد وحده ولا بالعُدَد، ولكن الله ينصر من يشاء. ولو كان الأمر بالقُوَى المادّية لكان نصيب الثورة الموت بعد ساعات من ولادتها؛ لقد أعدّ أولئك العُدّةَ لضرب دمشق بأقوى سلاح تفتّقَت عنه عبقرية إبليس، سلاح الصواريخ. وهُيّئت الصواريخ وسِيقَت إلينا، وكانت تقدر أن