فلا أردّ، فلما طال ذلك عليهم وحاروا في أمري قلت لهم إنني قد متّ لأن صحف عبد الناصر في بيروت قالت ذلك. وأُتِمّ الآن الكلام أمشي به من حيث وقفت في الحلقة الماضية.
* * *
ولمّا كانت صحف عبد الناصر في بيروت لا تكذب أبداً فأنا إذن قد متّ.
وأدفع هذه الجرائد إلى زوجتي وأقول لها: خذي اقرئي هذه الصحف. وتأخذ الجرائد فتقرأ التفاصيل بأن المعتدين صعدوا من العمارة المجاورة ونزلوا على سلّم الحريق يوم الإثنين الماضي وطعنوني بالسكاكين في بطني وفي خاصرتي وفي ظهري. فتقول: ولكن هذا كله لا أصل له لأنه ليس إلى جانبنا عمارة، ونحن نسكن (أي كنا في تلك الأيام نسكن) في الجبل، ما حولنا إلاّ منازل فقراء ما فيها إلاّ غرف قليلة من الطين، وكلها من طبقة واحدة مثل دارنا، بل ليس في البنايات المحيطة بنا من دارنا إلى أربعين بيتاً من كل جهة من الجهات الأربع سلّم للحريق! ثم إنك كنت في ذلك اليوم الذي زعموا الاعتداء عليك فيه، كنت في مَضايا ولم تكن في الشام (أي في دمشق).
قلت: هذا لتعلمي قيمة هذه الدعاية وهذه الشائعات. إن من الناس من حلف بالطلاق (سمعت ذلك بأذني في الترام والمتكلّم لا يراني، بل ربما لم يكن يعرفني) حلف أنه مشى في جنازتي! وآخر حدّث بالقصّة وزعم أنه هو الذي قبض على الثلاثة الذين اعتدوا عليّ وقتلوني وسلّمهم إلى الشرطة!