على أني لا أفهم: لماذا يكون الاعتداء عليّ؟ وما الذنب الذي أذنبتُه وما الجناية التي جنيتُها؟ ألهذه الكلمة التي كنت قلتها في الإذاعة؟ أنا أخطب وأكتب من أواخر العشرينيات من هذا القرن، فما وجدت لكلمة كتبتها أو لخطبة ألقيتها من الاستحسان عند الناس، ولم يَرِدْ عليّ من التهنئات على مقالة أو محاضرة مثل ما ورد عليّ بعد هذه الكلمة.
ولقد أشاعوا أنني أخذت عليها عشرة آلاف، وأنا والله لم آخذ عليها كلها قرشاً واحداً، حتى المكافأة المقرّرة لحديث الإذاعة ولخطبة الجمعة التي تُذاع منها لم آخذها. ثم إنني لم ألقَ إلى الآن أحداً من الضبّاط الذين قاموا بهذا الانقلاب. ثم إنني لم أُسِئ فيها الأدب مع سيادة الرئيس عبد الناصر.
لم أكن من الذين مدحوه لمّا كان في سلطانه، فلما زال السلطان عنه عادوا يذمّونه؛ يلبسون جلد الحرباء التي تتلوّن بلون المكان الذي تكون فيه. بل إنني هاجمته لمّا كان في سلطانه، فلما زال السلطان لم أشتمه مع من شتم ولم أهجم عليه فيمن هجم، ولم أذكر إلاّ بعض الوقائع الصحيحة بلهجة مؤدّبة. فلماذا يُعتدى عليّ؟
ثم إنني ... ها أنَذا أمامكم ترونني بأعينكم. فمن هو الذي مات إذا كنت أنا الميت أمامكم؟ لا تكونوا كصاحب البارومتر الذي صدّقه وكذّب المطر! فإن قلتم (على طريقة مؤلّف كليلة ودمنة): وكيف كان ذلك؟ أقول لكم: زعموا أنه كان عند واحد من الناس بارومتر (مقياس للضغط) اشتراه من البسطة المبسوطة