للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأرض، وكان قديماً خَرِباً لا تتحرّك إبرته، ولكنه دأب على النظر فيه كل يوم. فنظر يوماً فإذا البارومتر يشير إلى أن الجوّ صحو، وكان اليوم يوم غيم. فقالت له امرأته: يا أبا فلان خذ المظلّة (١) فقال: يا امرأة، الميزان يقول إن اليوم صحو وأنا أصدّق الميزان. وخرج ونزل المطر وهو لا يصدّق، وابتلّ ثوبه ووصل الماء إلى جسده وهو لا يصدق المطر، لأنه صدق الميزان!

هذا مثال من يقبل هذه الدعايات ويُنكِر الواقع. ها أنَذا أمامكم. ولكن أرجوكم أن تجيبوا على سؤال خطر الآن على بالي، أرجو أن يكون في طرحه نفع لكم: هل ترونني حقيقة؟

أنا والله لا أرى أحداً منكم. أنا هنا محصور في مكان مُغلَق، حولي آلات تصوّر، في موقف صعب. ولو كنت في مجلس أجد مَن أحدثه ويحدثني لهان الأمر، ولو كنت على منبر أخطب أرى السامعين ويرونني لسهلت القضية، ولكنني في بهو كبير حولي آلات، أمامي أخوان يحدّقان فيّ كأنني في امتحان وهُما من الهيئة الفاحصة، فأنسى نصف ما في ذهني! وهذه الأضواء القوية، أعوذ بالله، مسلّطة على عينَيّ فلا أستطيع أن أفتح عينَيّ. كأنني في موقف الاستجواب الذي نراه في الأفلام الأميركية، فأنسى النصف الباقي ممّا أعددتُه!

كيف ترونني؟ إذا كنتم ترونني حقيقة فخافوا من الله، وإذا كنت أنا وراء هذه الأبواب المغلَقة ووراء هذه الجدران الغليظة


(١) إن كانت للشمس فهي مظلّة أو شمسيّة، وإن كانت لدفع المطر فإن ما يدفع المطر يسمّيه العرب «المِمْطَر».

<<  <  ج: ص:  >  >>