فلا بدّ من الوعظ، فلماذا نهرب منه ونخشاه ونبتعد عنه؟ على أنني إنما أقول لكم كلمة حقّ، من شاء أن يقبلها قبلها ومن شاء أعرض عنها فلم يسمعها: اذكروا ربكم حين تسمعون الحديث من الإذاعة وتُبصِرون المسرحية في الرائي. لقد سجّل علينا في الدنيا العمل والقول، فإذا جاء الممثّل يُنكِر ما قاله أو ما فعله ألزمناه الحُجّة بهذا الشريط. أفلا يذكّركم ذلك بالشريط الذي سُجِّل فيه عليكم كل عمل عملتموه؟ {لا يُغادِرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها، ووَجَدوا ما عَمِلوا حاضِراً}؛ حاضراً أمامهم يُعاد عليهم فيرون ما صنعوا ويسمعون ما قالوا، فمَن يستطيع يومئذ أن ينكر شيئاً ممّا قال أو فعل؟ على أن هذا الشريط يمكن أن يُمحى. شريط المسجّلة يمكن أن تكبس على زرّ في الآلة فيعود فارغاً لا شيء فيه ويُمحى ما سُجّل عليه، فهل يُمحى شريط أعمالنا قبل يوم القيامة؟ الشريط الذي سجّله علينا المَلَكان؟
نعم، إنه يُمحى ومَحْوُه أسهل. يُمحى -يا أيها الإخوان- بالتوبة الصادقة. فتوبوا إلى الله، توبوا أيها المسلمون. والتوبة أول شرط فيها أن تترك الذنب، فإن التائب من الذنب والمقيم عليه كالمستهزئ بربّه، أستغفر الله. ثم تنوي أن لا تعود إلى مثله. وإن كانت التوبة من حقوق العباد فلا بُدّ من أداء الحقّ إلى صاحبه أو أن يسامحك به صاحبه.
ولا يقُل أحد إن ذنوبي كثيرة، فإن التوبة الصادقة تمحو كلّ ذنب ولو كان الكفر. ليس في الذنوب شيء لا يُمكِن التوبة منه. الذين ارتدّوا وكفروا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام لما رجعوا إلى الله رجع عفو الله إليهم. أما قرأتم قوله تعالى: {قُلْ يا عِباديَ