للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعداداً متتالية من «الرسالة» تكاد تعدل ربع أعداد سنة سبع وأربعين. ثم انتهى الأمر أمام المحكمة، إذ رفعه إليها الشيخ أمين الخولي مشتكياً مني مدّعياً عليّ.

وجئتُ فوجدت على باب المحكمة محامياً ينتظرني، بعث به إليّ الصديق الجليل مرشد الجيل، الشيخ حسن البنا رحمة الله عليه. فشكرت المحامي وقلت له: أنا قاضٍ وعملي في المحكمة، وأستطيع أن أدافع عن نفسي، فلك الشكر وللأستاذ البنا جزاكما الله خيراً.

وكانت ثلاث جلسات ازدحم عليها الناس كما يزدحمون على مسرحية من المسرحيات، ذلك أنها تحوّلَت إلى مثل «المِرْبَد» في البصرة الذي كان يجتمع فيه الشعراء يتهاجون. والشيخ أمين الخولي واسع الاطلاع كثير المحفوظ يعرف من أين يهجم على خصمه، وأنا -ولا فخر- لا أقِلّ عنه حفظاً وطول لسان واستحضاراً للشواهد والأمثال ... فلم تكن محاكمة ولكن كانت سوقاً أدبية، فيها أشعار تُلقى ونوادر وأمثال. وكان الناس يضحكون فيكفّهم القاضي وهو يستر وجهه بيديه، لأنه لا يملك أن يمسك ضحكه! وانتهت كما ينتهي أمثالها بأن ألزمني الحاكم بأن أنشر بياناً أُصلِح به ما أفسدت وأبرّئ به الشيخ ممّا اتهمتُه به، فكتبت في «الرسالة» (عدد ٦ ذي الحجة ١٣٦٦) هذه الكلمة وعنوانها «بيان»، قلت فيها:

"قد يكره الكاتب رجلاً فيستغلّ المناسبات لهجوه والتسميع به، وقد يُنكِر الكاتب رأياً فيكتب في ردّه وينال بالضرورة من

<<  <  ج: ص:  >  >>