للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولست أستطيع أن أسرد عليكم أخبار القتال، فاكتفوا مني بهذه الحادثة الواحدة، حادثة واحدة فقط سيطر فيها المجاهدون على مطار كامل فيه الجند والمدافع والرشاشات وما معهم إلاّ هذه الحراب المقطوعة من قصب الغاب. عمدوا إلى مكبرات الصوت فأنذروا فيها جند المطار من كل جانب، واستمرّوا في ذلك ليلة كاملة حتى أرهقوا أعصاب الجند، ثم هجموا في الظلمة صفوفاً من الناس وراء صفوف، وكلما سقط صف حلّ محلّه أخوه لا يبالون النار ولا البارود، حتى احتلّوا المطار وأسروا كل من كان فيه وملكوا عتاده.

كانت هذه الحراب سلاحهم، أما البنادق فكانت قليلة فكانت تكلّفهم ثمناً غالياً. ماذا؟ أظننتم أنهم يشترون الواحدة منها بمئة دينار مثلاً؟ لا؛ بل كل بندقية تكلف حياة مجاهد، ينتزعها من ياباني فيموت في سبيلها حتى يوصلها إلى يد أندونيسية مسلمة تدافع بها عن حقّها وإسلامها.

وأقيمت الجمهورية وأُلّفت الحكومة الوطنية، وذاقت البلاد لأول مرّة بعد ثلاثمئة سنة لذّة السعادة والحرّية. ولكن النعمة لم تستمرّ؛ لقد جاء البلاء، أقبل أبالسة البشر. ألا تعرفونهم؟ ألا تعرفون الذين كانوا سبب كل مصيبة نزلت بنا؟ ألا تعرفون قوم بلفور ووعد بلفور؟

جاؤوا -كما قالوا أولاً- لتجريد اليابان من سلاحهم، وأعطوا عهودهم المكتوبة على أنهم لا يكونون حرباً على الجمهورية ولا عوناً للهولنديين، فما إن وطئوا أرض جاكرتا حتى حنثوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>