للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحجارة وقِطَع الحديد، ثم هجموا على الدبّابات وهي تسير وتطلق النار فوضعوا ذلك خلال سلاسلها وآلاتها ليمنعوا سيرها ويعطّلوها، وكان الواحد منهم يدوس على بقايا أخيه وهي تسبح في الدم ويقدم لا يبالي. وخرّبوا الطرق وأفسدوها، ومات منهم آلاف وآلاف وآلاف، فما فزّع الموت من أحد ولا أخافت وسائله أطفال أندونيسيا (كما أنها لم تُخِف من قبلُ أطفال دمشق، وقد مرّ بكم الخبر).

أما النساء في أندونيسيا فلو كان يجوز لي أن أحني رأسي الذي ما انحنى قط لغير الله لأحنيته إكباراً لنساء أندونيسيا. إنني لا أستطيع أن أذكر لكم ما صنعن دون أن يثب قلبي إلى حلقي حتى يسيل دموعاً من عيني. إن الذي صنعنه شيء يجلّ عن الوصف ويكبر عن التصديق، وإذا أنتم شككتم فيه ولم تصدّقوه فلكم العذر. كانت القنابل التي وصل إليها المجاهدون قليلة وكانت صغيرة لا تدمّر الدبابة إن أُلقيَت عليها، فكانت الفتاة الأندونيسية التي تشبه الوردة اليانعة تأخذ عدداً من القنابل فتربطه حول جسدها، ثم تودّع أمها وأباها وأهلها، ثم تلقي بنفسها على الأرض أمام الدبابة فتتفجر القنابل، فتطير هي والدبابة معاً.

هذا ما كان فعلاً. فهل سمعتم أو قرأتم في أخبار الأمم كلها قديمها وحديثها مثل هذا الخبر؟ إنه مشهد يخرس لسان أبلغ شاعر بشري عن وصفه. إنني مرّة ثانية أحاول أن أحني رأسي لنساء أندونيسيا. كان هذا هو الدرس الأول الذي تلقّته نساء لبنان الآن، فيما يصنعن أمام قوى الشرّ التي جاءت من إسرائيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>