التي يستبق إليها الرجال والنساء والأطفال على السواء. ولم يعُد النساء يقبلن المال مهراً، فصارت مهور العرائس رؤوس الإنكليز والهولنديين، فمن كانت أبهى جمالاً وأعزّ نفراً كان مهرها عدداً أكبر من الرؤوس. ورأوا أن الإنكليز يستفيدون من العمارات الكبار فأحرقوا بأيديهم كل عمارة كبيرة، ولقد رأيت بعيني آثار هذا الخراب في سورابايا ومالان. حتى باندونغ، باريس الشرق، أحرقوها وهجروها وهم يغنّون هذه الأغنية التي يمتزج فيها دمع العاطفة بدم البطولة، والتي اشتهرت في أندونيسيا شهرة المارسيلييز في فرنسا:«هلو هلو ... باندونغ»، يخاطبونها فيها كما يخاطب العاشق حبيبته، يَعِدونها أنهم سيعودون حتماً إلى أحضانها.
وقد عادوا، عادوا ظافرين. لقد بذلوا الشهداء في أرض الوطن وسقوها الدم الأحمر القاني، فأنبتَت، أنبتت الحرّية والظفر والاستقلال:«مارديكا».
* * *
كان هذا الجهاد كله لله، فلن تكون الثمرة لأعداء الله. كان للإسلام الخالد الباقي الذي حفظه الله بحفظه، فلن تكون الغنائم لـ «بنغاسيلا» ولا لشريعة أخرى أوحى بها إلى أوليائه إبليس، ولا للملحدين ولا للمكفّرين المنصّرين وإن سمّوا أنفسهم بالمبشّرين.
إن الإسلام ما دخل بلداً فخالط قلوب أهله، فعاشوا به وعاشوا له، ثم خرج من هذا البلد. وسيبقى الإسلام في أندونيسيا وتبقى أندونيسيا للإسلام إلى يوم القيامة.