للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أحبها وكانت هذه بدايتها؟

لقد قرأتم في هذه الذكريات ما مرّ بي بعدها في المدرسة الكبيرة التي كان أبي مديرها العامّ، وكنت ابنه الوحيد المدلَّل. وعرفتم أني لم أكن فيها أحسن حالاً ولا أروَح بالاً. أين هذا الذي كان في أيامنا ممّا يجده الأطفال اليوم في رياض الأطفال وفي أكثر المدارس الابتدائية؟

في سنة ١٩٥٩ (١٣٧٨هـ) كانت لي أحاديث مستمرّة في إذاعة دمشق كالذي تسمعونه لي اليوم من إذاعة الرياض، وقلت في حديث منها (١):

نويت أن أجعل هذا الحديث ليوم الطفل، فصحّت النية ولكن لم يتمّ المراد. أردت أن أتكلم فيه عن مشكلات الطفولة اليوم فكان الحديث عن ذكريات الطفولة لي أنا بالأمس، وأردته موعظة وعبرة فجاء قصّة وذكرى. والقلم قد يجمح بيد الكاتب أحياناً كما يجمح الفرس بالفارس، فيمشي حيث يريد هو لا حيث يريد صاحبه.

ذلك أنني قعدت لأُعدّ هذا الحديث (وكنت يومئذ أكتب أحاديثي) وأنا لم أهيّئ أفكاره لأن الوقت قد ضاق بي وأعجلني الموعد، فشرعت وما ركّزت أُسُس الفكرة ولا تبيّنتُ مسالك القول، وأخذت القلم أنتظر ما يفتح به علي، فما فُتح عليّ باب القول، ولكن فُتح باب الغرفة ودخل مؤمن الصغير، ابن بنتي


(١) انظر مقالة «في الكتّاب»، وهي منشورة في كتاب «من حديث النفس» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>