للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت «بليس»، لعنة الله على إبليس، وإذا أردت أن ترحّب به قلت له «ويلكم» بدلاً من قولك أهلاً وسهلاً، وإذا سألت بيّاعاً عن ثمن شيء قلت له: «هَمج»؟

وفهمت أنها لغة سماعية، لا تكاد تضبطها قاعدة ولا يمسكها قياس، ففيها حروف تُكتَب ولا تُقرأ وحروف تُقرَأ وهي غير مكتوبة، وحروف تُقرأ تارة على صورة وتُقرأ هي نفسها تارة أخرى على صورة غيرها؛ أي أن الناس كلهم يتعلمون الكتابة ليقرؤوا قراءة صحيحة، والإنكليز يتعلمون القراءة الصحيحة ليعرفوا كيف يكتبون! وهذا هو «الدور والتسلسل» الذي عدّه العقلاء من باب المُحال:

لولا مَشيبي ما جَفَا ... لولا جَفاهُ لم أَشِبْ

ومع ذلك فقد فرض الإنكليز هذه اللغة العرجاء على سدس أهل الأرض ينطقون بها، وأضعنا نحن لغتنا وأهملناها حتى كدنا، نحن أبناءها، نصير من الجاهلين بها، وأضعنا في تعلم الإنكليزية خمس ساعات من دروس أبنائنا ثم لا يكادون يخرجون منها بطائل.

* * *

وربما سحر المحامي ببيانه القضاة والحاضرين فأوهمهم ما لا يمكن أن يقع، فإذا انتهت الجلسة وبطُل السحر ومضى الساحر صحوا حين لا يفيدهم صحو، لأن الحكم قد صدر والمحامي قد وصل إلى ما يريد.

كان أحد المحامين (وكنت أعرف اسمه وقد نسيته الآن)

<<  <  ج: ص:  >  >>