معلّم رسم، فقال لي إن الملحق الثقافي الروسي يريد هو الآخر أن يزورني. فأخبرته أنه لا شأن لي به ولا بالآخرين وأنهم كلهم عدو، فانصرف عني غير مسرور.
وجعلت أفكر في هذا الحال التي لا يمكن أن تصل إلى أسوأ منها أمة ذات كرامة واستقلال، فجعلت موضع كلمتي الصغيرة في اليوم التالي هذه القصة، ذكرت فيها ما قصصته عليكم ثم قلت:
أين الحكومة لتفتح عينيها لترى ما يصنع هؤلاء الناس وكيف يتصلون برجال منا؟ يزورني أحدهم أول مرة فيكون التعارف، ثم يدعوني فتكون المودة، ثم يتصل الود فتكون الصداقة، ثم أصير جاسوساً وأنا لا أشعر.
وإلاّ فما هو الجاسوس وماذا يصنع أكثر من هذا؟ وهؤلاء الوسطاء، أليسوا منا؟ ألا يُعَدّ عملهم هذا خيانة لنا وعوناً لعدونا علينا؟ ألا تمتدّ إليهم يد القانون. لقد تخلّصت أنا من الرجلين بأني قد تعوّدتُ أن أقول ما يجب أن يُقال ولو خالفت هذه الآداب المايعة التي يسمّونها آداب المجاملة، ولأن الناس قد عرفوا ذلك عني فصاروا يقبلونه مني، ولكن ما كل واحد يستطيع أن يصنع ما صنعت.
فأين الحكومة والعلماء؟ ألا يشعرون أن عليهم واجباً ثقيلاً هو أن يُفهِموا الشباب أن النظام الشيوعي والنظام الرأسمالي ليسا هما كل شيء، ولا يجب حتماً أن نتبع واحداً منهما وأن نكون مطايا لأصحابه، وأن لنا طريقاً مستقلاً، نظاماً كاملاً شاملاً يحلّ مشكلاتنا كلها على طريقتنا نحن، وهو الإسلام. لقد قام من عهد