للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل جنودهم ودباباتهم إلى الغوطة، لمحاربة أهل البلد وأصحاب الأرض الذين ثاروا كما يثور ربّ الدار على الحرامي، يدافع عن عياله ويحامي عن ماله، وكما يصنع الفلسطينيون اليوم في فلسطين والسود في جنوب إفريقيا والمجاهدون في الأفغان.

وكانت مناقشات ومجادلات في اختيار المكان للقصر العدلي. وكنت أكتب وأخطب، فكتبت مقالات في إقامة القصر في شارع بغداد لأن المكان فسيح، إذا ضاق البناء بمن فيه وجدوا أرضاً لتوسعته، وزدت فاقترحت بأن يُسمّى «دار العدل» لا القصر العدلي، إحياء لمنقبة نور الدين زنكي لمّا أنشأ دار العدل في دمشق، وقصّته معروفة وهي في كتابي «رجال من التاريخ» (١).

وغلب الرأي الآخر، وأقيم البناء في موضع المشيرية (أو المندوبية كما سُمّيت من بعد)؛ أنشؤوه من ثلاث طبقات من الأمام واثنتين من الخلف، لكل طبقة سقف عالٍ يقرب من سقوف المساجد، لا كسقوف البيوت الجديدة التي يقف الرجل الطويل فيمدّ يده فيبلغ بيده سقفها، وجعلوا لها قوساً يكاد (يكاد أو تكاد كلاهما صحيح، فالقوس مؤنثة ولكنها تُذكَّر) يقارب بعلوّه سقف البناء كله، وجعلوه على شكل الأقواس الأندلسية وهي غالباً ثلثا دائرة، بينما نجد الأقواس التركية نصف دائرة، ومن الأقواس ما هو أقلّ من نصفها. ومن شاء أن يرى الأقواس وأشكالها في الأبنية الأثرية وجد علم ذلك في كتب كثيرة فيها صورها وتاريخها، وليس هذا مجال الكلام عنها. وجعلوا للقصر واجهة من الخلف


(١) في مقالة «السلطان الشهيد» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>