للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى وصال المحبوب. ولكن سلوا بلدي ما الذي صنعه بي. ماذا صنعتَ بي يا بلدي الحبيب؟

أنا لا أشكوك بعد الله إلاّ إليك، وإن كان الأمل بإنصافك أبعد من النجوم. لقد جفوتني وما جفوتُك، وأنأيتني عنك ومُناي كلها القرب منك، ورميتني بالرصاص يخترق صدري حين اخترق ظلماً وغدراً صدر أحب الناس إليّ: بنتي؛ ما رحمت طُهرها ولا رعيت غربتها ولا تورّعت عن مبارزتها في وحدتها، رميتني بالرصاص وأنا لم أسمح لنفسي أن ترميك بزرّ ورد لئلاّ يجرح الورد خدّيك.

أقول هذا ولو كان مشتعلاً بنار الألم لأنفّس به عن نفسي كما يتنفس البركان بإلقاء الحمم. ولكن لماذا أقوله الآن؟ وما نفع الشكوى لقويّ لا يرحم أو لضعيف لا يُعين؟ الشكوى لله، فلماذا أبثّ غيره شكواي؟ وهل فقدتُ إيماني فحسبت الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون؟ إنه {إنّمَا يُؤخِّرُهُم لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فيهِ الأَبْصارُ}.

* * *

لا يا مرسل الرسالة، لم أنسَ موطني ولن أنساه.

بلادي وإنْ جارَتْ عليَّ عزيزةٌ ... وأهلي وإنْ ضَنّوا عَلَيّ كِرامُ

لم أنسَ أسبوع التسلّح ولكن كنت أُرجئ الحديث عنه حتى أصل إليه، فلقد كان تاريخه سنة خمس وخمسين وأنا لا أزال في ذكرياتي في عشر الأربعين. ولكن رسالتك عجّلت بموعد الكلام، فعفوكم يا أيها القراء الكرام. ولست أكتب الآن صفحة من تاريخ

<<  <  ج: ص:  >  >>