وهذا الملك فهد على سنّة أبيه وإخوته يلبس مثل ما يلبس الناس، واتخذ العقال الأسود الذي يتخذه الناس، وزاد على أبيه وإخوته رحمهم الله فاستحدث شيئاً جديداً هو هذه اللقاءات مع طلاّب الجامعات، يكلّمهم كما يكلّم الأب أولاده ويجاوبهم كما يجاوب المعلّم تلاميذه، يخاطبهم مخاطبة عفوية فيها اطّلاع وفيها نكتة وفيها فائدة ومتعة.
يا أيها الأستاذ الذي كتب إليّ: أما تعلم أن قلمي ولساني مريضان، وأن مرضي هو الاستطراد؟ فلماذا فتحتَ لي الباب حتى خرجتُ عن الموضوع؟
عندي كلام كثير كثير عن الرئيس شكري بك وعن الرؤساء من قبله، ولكنني ما أنشأت هذا الفصل للقول فيه، بل للكلام عن أسبوع التسلّح الذي أبعدتَني برسالتك عنه. وسيرى قرّاء الجريدة من خبر هذا الأسبوع ما يملؤهم دهشة ويدنو بهم من غرابته إلى حد إنكار ما يقرؤون، ولكن إياكم أن تُنكِروا شيئاً منه، فإنه حقّ وصدق ما زدت فيه على ما وقع، بل نقصت منه.
إن الذي صنعه الناس في هذا الأسبوع من البذل في شراء السلاح ما رأيت مثله ولا سمعته ولا قرأته، وإنه لَيخطر على بالي الآن سؤال عجيب: لو كشف الله لهؤلاء المتبرّعين طرف الستار عن المستقبَل المحجوب، ورأوا أين سيذهب هذا السلاح وأيّ يد ستحمله وإلى أيّ صدر توجّهه، أفكانوا يتسابقون إلى العطاء ويتزاحمون على البذل كما يتزاحم على الأخذ الناس؟
ولكن لماذا أقول هذا الكلام وأنا أعلم أن الأعمال بالنيات