للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن لكل امرئ ما نوى؟ وهم ما نووا إلاّ أخيراً فلن يجدوا عند الله إلاّ الخير، والله عنده الميزان الحسّاس الذي تتحرّك إبرته بمثقال ذرّة تقع عليه، لا يضيع عنه شيء. لا أعني الذرّة كما فسّرها الأولون بالنملة الصغيرة أو بالهباءة التي تراها في الهواء عندما يدخل شعاع الشمس من الطاقة إلى الغرفة المظلمة، بل أعني الذرة بالمعنى العلمي (الأتوم)، بل أجزاء الذرّة من الكهارب (الإلكترونات)، وما هو أقل منها إن وصل إلى علمنا وجود شيء هو أقل منها.

* * *

أعود إلى الموضوع الذي قطعتني رسالتك عنه.

لمّا تتالت الطلبات وتعالت الأصوات تطلب تقوية الجيش وتسليحه، وكان ذلك هو مقصد الرئيس شكري بك ومُناه، وكان في تلك الأيام رجلَ الساعة، وجد أن الخزانة تكاد تكون فارغة ليس فيها ما يفي بثمن السلاح، والميزانية ضعيفة لا تتحمل أثقال التسليح. وكان باب شراء السلاح مفتوحاً، وكان الدكتور معروف الدواليبي أول من كسر احتكار الغرب بيعَه (١) وجعلنا نهدّد أولاً بأننا سنشتريه من كل مكان ثم نحقّق ما هدّدنا به. عندئذ فكّر الرئيس بهذا الشعب الكريم، الكريم النفس واليد. لا أعني الشعب الشامي وحده بل الشعب العربي في كل بلد من بلدان العروبة، وأخصّ منهم المسلمين الذين يعلمون أن من يُنفِق واحداً سيأخذ بدله -إن أخلص النية وصدق الإيمان- سبعمئة. كان الرئيس يعلم


(١) كلمة «بيعه» مفعول به لاحتكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>