وهل في هذا البلد كله، وهل في بلاد العرب، وهل في ديار المسلمين جميعاً رجل واحد يشكّ في هذه الحقيقة الظاهرة التي يراها كل من في وجهه عينان، وهي أن سلاح الخطب والتصريحات والبيانات والشكاوى لم يعُد يُفيد ولا يُجدي، وأن اللغة الوحيدة التي تفهم بها إسرائيل هي لغة المدفع، وأننا عرفنا الآن كيف نكلّم إسرائيل بهذا اللسان؟
هذا يا أيها السامعون أول قرار ستتخذه الحكومة (أعني قرار التسلّح)، فيقول لها الشعب صدقت، ونحن معك. هذا هو القرار الذي يترجم عن أفكار الناس جميعاً ويعبّر عن آرائهم جميعاً، من رجل السوق إلى موظف الديوان، إلى تلميذ المدرسة، إلى عامل المعمل وفلاح الحقل.
لقد استطعت الآن أن أرفع رأسي الذي طالما أحناه الخجل في هذه السنين السبع الماضيات، الخجل من ديننا الذي يأمرنا أن نُعِدّ للعدوّ ما نستطيع من القوة من الحديد والبارود والطيارات والدبابات، فأعددنا كلاماً حرّكنا به المنابر وزلزلنا به الصحف وهززنا به أسلاك البرق! الخجل من سلائق العروبة أن تدنّسها بالعار أخلاق الهزيمة، الخجل من الله أن يرانا نبتعد نحن المسلمين عن قتال كلاب يهود بعدما قاتل أجدادنا الإمبراطوريتين اللتين ورثتا العالَم: فارس والروم. لا نقاتلهم ونحن في قلب بلادنا مدافعين عنها وقد قاتل أجدادنا فاتحين في أقصى الأرض! قصّرنا وأهملنا فكانت النتيجة هي التي ترونها في القدس وفي القرى الأمامية.