بأيدي من هو منكم مخلص لكم، لئلا يُضطرّ كل واحد منكم أن يدافع عن بيته بنفسه أو أن يهرب منه تاركاً ماله وأثاثه فيه.
لا يريد منكم هذا الجيش إلاّ قليلاً من المال، قليلاً لا يزعجكم ولا يبقيكم دفعه بلا طعام. فإذا شحّت نفوسكم وغلب عليكم حبّ المال -وحبُّ المال فطرة في النفوس- فاذكروا إخوانكم من أهل فلسطين؛ مَن كان أكثر مالاً فخرج على وجهه لا يملك شيئاً. أفليس خيراً لكم أن تُعطوا قليلا ليبقى لكم الكثير، من أن لا تعطوا شيئاً ولا يبقى لكم شيء؟ وانووا عند العطاء رضا الله لا التفاخر ولا التظاهر، ولا رضا الحُكّام ولا ثناء الناس. قولوا: هذا ندفعه يا رب ابتغاء وجهك، فاخلفه علينا واكتبنا به مع المجاهدين بأموالهم في سبيلك.
يا أيها السامعون والسامعات من أهل الشام: إن أرواح الشهداء تناديكم من كل بقعة في فلسطين، والدماء تصرخ بكم، وصخرة الأقصى وأمجاد الماضي والعروبة والإسلام والقرآن، كل ذلك يهتف اليوم بكم:{ها أنتُمْ هؤلاءِ تُدْعَونَ لتُنفِقوا في سبيلِ اللهِ، فمنكمْ مَن يَبخَلُ، ومَنْ يبخَلْ فإنّما يبخَلُ عَنْ نفسِهِ، واللهُ الغنيُّ وأنتمُ الفقراءُ، وإن تتولَّوا يَستبدلْ قوماً غيرَكمْ ثم لا يكونوا أمثالَكُم}.
* * *
وفي يوم السبت ١٠/ ١٢/١٩٥٥ كان الاجتماع الكبير في مدرَّج الجامعة السورية (جامعة دمشق الآن)، فامتلأت مقاعدها والممرات بين المقاعد، واحتشد الناس من حولها، وسُدّت الشوارع المفضية إليها، وكان يوم كأنه يوم المحشر، وحضر