للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلسلة الأفكار ونضب مني مَعين القول، ونسيت ما أعددت في ذهني. حتى إن القلم لينكسر في يدي (وأنا في العادة أكتب بقلم الرصاص) فإذا ذهبت أبريه أو أطلب قلماً غيره طار ما كان في رأسي!

وممن كانت لهم دروس من جيراننا (وما كان أكثر العلماء والمدرسين في حارتنا!) الشيخ محمود ياسين رحمه الله ورحمهم جميعاً، وفي الطبعة التي ستصدرها قريباً دار المنارة في جدة من كتابي «رجال من التاريخ» كلام عنه. ومنهم شيخنا مفتي الشام وأستاذنا في كلية الحقوق، الطبيب المتخرج في كلية الطبّ، حمل شهادتها وتعلّم الفرنسية من أجلها على كبر، وهو شيخنا الشيخ أبو اليسر عابدين، الذي كان أبوه من قبله الشيخ أبو الخير عابدين مفتي الشام، وكان أبي أمينَ الفتوى (أو من أمناء الفتوى) عنده، وهو الذي أشرف على طبع «رسائل ابن عابدين»، وأحسب أنه كان عمَّ أبيه.

ولقد ظهر في هذه القرون الثلاثة علماء لا يُحصيهم العدّ، ألّفوا مؤلّفات لا يُحيط بها الحصر، ولم يكن في هؤلاء جميعاً -على أغلب الظنّ- من هو أوثق في الفقه وأنفذ فيه فكراً من ابن عابدين، الذي كتب الله لمؤلّفاته أن تكون أكثر الكتب ذيوعاً وأعمّها نفعاً، وأن تكون حاشيته المشهورة عمدةَ المُفتين في المذهب الحنفي من أكثر من مئة سنة، لا يضارعها في تحقيق مسائلها وفي إقبال الناس عليها كتابٌ من كتب الفقهاء المتأخرين في المذهب الحنفي، على بعض العُجمة في أسلوبها وبُعده عن الأسلوب العربي النيّر الذي تجدون مثاله في كتاب «المبسوط»

<<  <  ج: ص:  >  >>