للشيطان سبيلاً إليه فنفّره منها. فإذا قمتم أنتم وبقي قاعداً ورأى الناس ينظرون إليه استحيا منهم ومن الله فصلّى.
وسأل طلاّبه (وكان كثير منهم من المدرّسين في المدارس المتوسطة والثانوية) هل يقبلون أن يُلقوا دروساً خاصّة مجّانية، والطلاب دائماً يرغبون فيها ومنهم من يعجز عن دفع أجرتها، فقالوا: نعم. فصار في المسجد مدرسة تُلقى فيه العلوم التي تُدرَّس في المتوسطات والثانويات، من بعد صلاة العصر إلى المغرب. وكان من ذلك أن أقبلوا كلهم على صلاة الجماعة، وأطالوا البقاء في المسجد فحضروا بعض الحلقات التي تُقام فيه، فتعلّموا علوم الدنيا وعلوم الدين ونشؤوا جميعاً من الصالحين المصلحين.
وممن كان له عمل في تعليم الدين ثم أنشأ مدرسة لها منهج وفيها طلاّب الشيخُ صالح فَرْفور، وقد مرّ ذكره لمّا وكّلتُه عني وأنا معلم في مدرسة سَقْبا الأولية في الغوطة وذهبتُ لأداء امتحان كلية الحقوق، ولمّا مرضت وأنا مدرس في الكلية الشرعية في بيروت فناب عني فيها.
وهو رجل عصامي كان على طريقة علماء السلف، يعمل بالنجارة ويتكسّب منها ولا يمدّ يده إلى رواتب الدولة ولا عينه إلى أموال الأغنياء. ولو راجعتم كتاب «صناعات الأشراف» لوجدتم له أمثالاً كُثراً كانوا مصابيح هداية لسالكي هذا الطريق الذي أتمنى أن يكثر سالكوه، فيستغنوا بكسب أيديهم من صناعاتهم أو تجاراتهم عن خزانة الدولة وعن أموال الأغنياء. ولولا حاجة العلماء لهذه الأموال ما زال ناس منهم عن أماكنهم ولا نزلوا عن منازلهم.