للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بين الشيخ كامل القصاب والشيخ علي الدقر، لمّا حَسُنت النيات وصفت القلوب، آلَ إلى تنافس شريف؛ فأنشأ الشيخ علي مدرسة مثل الكلية الشرعية، افتتحها في جامع تنكز (وتنكز كان نائب الشام على عهد المماليك) بعد أن جمع له أهل الخير ما جدد به بناءه. وكانت لجامع تنكز واجهتان على أكبر شارعين في دمشق، الواجهة الأصلية على شارع النصر الذي افتتحه جمال باشا سنة ١٩١٦ كما أذكر، وكان يُدعى باسمه، وعلى ساحة المرجة التي كانت لبّ دمشق.

* * *

قرأتم في كتاب الشيخ حسن الشطي الذي افتتحتُ به الكلام على الكلية الشرعية أنهم كلفوني بأن أدرّس فيها الثقافة الإسلامية. وكان درساً جديداً، وليس في العلوم المقرَّرة المعروفة ما يُدعى «الثقافة الإسلامية»، ولم يكن في مثله بُدّ من شيء من الفوضى والبعد عن التبويب أحياناً واختلاط مسائله بمسائل غيره من العلوم، لذلك يبقى أمداً تعتوِره الزيادة والنقصان والتعديل والتبديل، حتى يستقرّ وتَضِح (أي تتّضح) معالمه ويصبح علماً من العلوم.

والذين اخترعوا هذه العلوم الجديدة أرادوا أن يخرجوا بها عن الأسلوب النمطي وعن اجترار ما كتب الأولون، يُبدئون فيه ويُعيدون ولا يأتون فيه بجديد. وقد أرادوا الخير كل الخير من اختراعها، ولكن لم يوضّحوا سبيلها ولم يحدّدوا غايتها، لأنه لم يكن في أذهانهم -كما أظنّ- صورة واضحة لها؛ لذلك كان

<<  <  ج: ص:  >  >>