للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنهج الذي رسموه لها متداخل الحدود خفيّ المعالم.

وكان أول من كُلِّف بتدريس هذه المادة الجديدة الأستاذ الشيخ دهمان، درّسها مدّة قصيرة جداً، ثم كُلّفت أنا بها أدرّسها في دمشق، ويدرّسها في الكلية الخسروية في حلب العالِم المؤلف الشيخ راغب الطبّاخ. فاختلف طريقانا في الفروع، وإن كنا اتفقنا على الأصول وأخذنا من مراجع واحدة. ولكن الشيخ الطبّاخ أُعطيَ -على كبَر سنّه- هِمّة لم أُعطَ أنا مثلها، ويسّر الله له أسباباً لم يتيسّر لي ما يشبهها، فكان على علمه وفضله يعمل على طبع الكتب ونشرها، وأظنّ أنه كان يملك مطبعة. وكان أمثاله من الناشرين العلماء كثيرين، منهم السيد رشيد رضا، ومحب الدين الخطيب، وخير الدين الزركلي حيناً، والأستاذ أحمد عبيد، والشيخ منير الدمشقي، وحسام الدين القدسي. فطبع الشيخ الطبّاخ ما أعدّه في كتاب بقي في الأرض ينفع الناس، وذهب ما أعددتُ أنا جفاء، وأسأل الله أن يجعله زبدة لا زَبَداً. كما أنني ألقيت في أحاديثي في الإذاعة وفي الرائي من سنين طويلة مسائل في أصول الشريعة وفي نظام الحكم والنظام المالي والاجتماعي في الإسلام كانت أكثر مما أعدّ الأستاذ المبارك رحمه الله، ولكنه أسرع فجمع ما هيّأه في كتاب فبقي، وما أعددته أنا ضاع ولم يبقَ عندي إلاّ مذكّرات لا تُغني ولا تُفيد. ولعلّ الله يرزقني الإخلاص فيه فلا يضيع عند الله ثوابه.

بدأت أنا دروسي بتعريف الثقافة وبيان أصل الكلمة. ولقد كتب في ذلك جملة من العلماء والأدباء، ولكنهم أخذوا غصن الشجرة ولم يمسكوا بساقها، فجعلوا أصلها «ثَقِفَ يَثْقَف»،

<<  <  ج: ص:  >  >>