للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكي مبارك بل رجلاً ينال من ديني ومن عقيدتي، فهجمت عليه هجمة مفاجئة بجُمَل تتلاحق كلماتها كرصاص المدفع الرشاش ضعضعَت أركانه، ثم استفاق من دهشته وتمالك بعض نفسه، وقال لي في بعض ما قال: من أنت وبأيّ سلاح تنازلني؟

قلت: بسلاحَين، أولهما أن الحقّ معي وأني أستنصر الله لأني أناضل عن دينه وأحامي عن شرعه، والثاني أني أعرفك في مصر وأعرف سلوكك في العراق ومجالسك بين كاسك وطاسك، فما الذي تظنّه يُخيفني منك ويمنعني من منازلتك: دينك وتقواك؟ سلوكك واستقامتك؟ علمك؟ وقد حقّقتَ كتاب «زهر الآداب» للحصري وكنا ندرسه مع تلاميذنا في دمشق فما تمرّ صفحة تخلو من زلّة لك تسقط منها فيُشَجّ رأسك أو تُلوى قدمك، أم هذا الكتاب الذي صدّعتَ بذكره الأسماع وجعلتَه معجزة العصر وآية الدهر، «النثر الفني»؟ إن فيه سقطات لمّا أمسك الدكتور الغمراوي ببعضها وقيّدك بمنطقه وحجّته بقيد من حديد لم تملك معه حراكاً، جعلتَ تقفز من حوله تصرخ وتهدّد ولا تستطيع أن تتحلل من القيد ولا أن تبرّر الغلط؟ وهل تعتصم إلاّ بستار من سبّ الناس إذ تصول وتجول وحدك وتتوعّد وتهدّد (زعمَ الفرزدقُ أنْ سيقتُلُ مِرْبعاً!) ولو كانت معركة أدبية بيني وبينك لتردّدتُ، وربما خفتك أو تَهيّبتُ لقاءك أو آثرت السلامة من قلمك، ولكنها معركة لله أدافع فيها عن دين الله، واللهُ يدافع عن الذين آمنوا، ومن كان الله معه كان هو الغالب.

واشتدّ الأمر وتعالت الأصوات ولم يبقَ إلاّ المواثبة والنقاش بالأيدي، فدخل الزيات بيننا وأخذه جانباً يناجيه. وسمعته يقول له:

<<  <  ج: ص:  >  >>