للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشام والعراق كان من أذكى العميان، كان إذا صافح إنساناً ولمس يده ثم صافحه بعد عشر سنين أو عشرين عرفه من مصافحته وسمّاه باسمه. وإذا الأستاذ العقاد يعرفه ويروي عنه خبراً لم أسمع به وأنا أجمع أخباره!

ما أعرف مثل العقّاد في هذا إلاّ اثنين: فارس الخوري، وآخر لم تسمعوا به كان شيخ القضاة في الشام وكان آخذاً من كل علم بطرف، وإن كان عمله الأصلي هو القضاء، أعاد فيه للناس سِيَر القضاة الأولين، ولم يكن يقضي إلاّ بما يعلم أنه يُرضي الله ويطمئنّ له ضميره المؤمن ويوافق ما علم من شرع الله، لا يميل مع لذّة ينالها أو منفعة يحصل عليها أو مضرّة من قوي إذا قضى عليها يخشاها، ولا يطمح أحد أن يكلّمه في قضية ينظر فيها، هو مصطفى بَرْمَدا. وكان مجلسه في موعد مجلس العقاد من صدر يوم الجمعة، ولكنه كان إذا دنا موعد الصلاة تقوّض المجلس وذهب أهله كلهم إلى المسجد، فكان رجلاً آمن قلبه وآمن لسانه، وآمنَت جوارحه فظهر عليها أثر إيمان قلبه: امتثالاً لأمر الله وابتعاد عمّا نهى عنه الله.

ورُبّ كاتب يكتب بقلمه أو يقول بلسانه ما لا يترجم عنه فعلُه ولا يوافقه سلوكه، يُرضي الناس ولا يسعى لما يُرضي الله.

* * *

أمّا إدارة التشريع في وزارة العدل فهي التي قدّمنا لها وأُوفِدنا للعمل فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>