للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنا نظنّ أن لقاء الوزير سهل كالذي عرفناه في الشام؛ فنحن نذهب إلى الوزير عن موعد أو بغير موعد فندخل عليه رأساً أو ننتظر قليلاً إن كان مشغولاً، بل إن هذه كانت سنّتنا مع رئيس الجمهورية: محمد علي بك العابد (وهو ابن أحمد عزة باشا العابد، أقرب العرب منزلة من السلطان عبد الحميد) ومع هاشم بك الأتاسي الرجل الجليل الذي كان شيخ الوطنيين، والشيخ تاج الدين الحسني وهو ابن شيخ علماء الشام، مَن كان اسمه أكبر من كل صفة يوصف بها وهو الشيخ بدر الدين، ثم مع الزعيم المناضل شكري بك القوّتلي.

وكان السّنْهوري باشا في الشام مدعواً للمشاركة بوضع القانون المدني. وليته ما وُضع، وليتنا بقينا على «المجلة» المنبثقة عن ديننا والموافقة لشرع ربنا والمكتوبة بالعربية لساننا، ولم يأتِنا هذا القانون المدني الذي طالما كتبتُ عنه وعن لغته وكتب أخي الأستاذ الفقيه الشيخ مصطفى الزرقا، الذي هو الآن ركن كل لجنة تنعقد لوضع القانون المدني الإسلامي.

وكان زميلنا الأستاذ نهاد القاسم مع السنهوري في اللجنة وكنت أنا في لجنة قانونية أخرى، فلم يكن يوم لا نلتقي فيه بالسنهوري، في المكتب أو في أحد المقاهي الخلوية على سِيف الغوطة أو على سفح قاسيون، فنشأت بيننا وبينه مودّة أزالت الكلفة لأن الرجل، أي السنهوري -كما بدا لنا في الشام- سمح الطبع حسن العشرة غير مترفع ولا متكبر، فظننّا أن الوزراء في مصر كلهم من هذا الطراز.

<<  <  ج: ص:  >  >>