المشمَخِرّة التي كانت تُدعى قبّة النسر، ومآذنه الثلاث الكبار.
قال الوزير إنه لمّا رأى هذا المنظر تمنى أن يجد هنا فندقاً ينزل فيه، وتلفّت حوله فرأى رجلاً حسن الزيّ مَهيب الطلعة أمام دار مفتوح بابُها يلجها الناس ويخرجون منها. فسأله: أليس ها هنا فندق ينزل فيه الغريب؟ قال: بلى، ألا ترى الباب مفتوحاً؟ فتفضّل. قال: أريد غرفة تُطِلّ على هذا المنظر. قال: حباً وكرامة. يافلان (ونادى خادماً كان في الدار)، قُل لهم أن يُعِدّوا الغرفة الفلانية للأستاذ.
قال الوزير: ونزلتُ عنده، ووجدته فندقاً مريحاً والنزلاء قليلاً والخدمة جيدة، وكان يسألني كل عشية: ماذا تريد أن تأكل غداً؟ ويعدّد لي الألوان الشامية فاختار منها ما أريد. وطاب لي المقام ولم يكن لي في مصر عمل يستعجلني، فلبثت عنده خمسة وعشرين يوماً، أطلب فأجد، ما وجدت تقصيراً ولا احتجت إلى شكوى. ثم قررت السفر فقلت له: أنا مسافر غداً. قال: بالسلامة إن شاء الله، وإن كنا نؤثر أن تطيل الإقامة عندنا. قلت: أتمنى ولكن آن أوان الرحيل. قال: كما تريد. قلت: أين قائمة الحساب؟ فضحك وقال: الحساب يوم القيامة، ونسأل الله أن يجعله يسيراً. قلت: إنما أعني حساب الفندق. فضحك وقال: أي فندق؟ أتراني من أصحاب الفنادق؟ إنما هي داري، وقد نزلتَ عليّ ضيفاً كريماً، فهل تأخذون مني إن زرتكم أجرة المبيت وثمن القِرى؟
فجرّبت معه كل وسيلة فما أفلحت، فدعوته أن يشرّفني بزيارته في مصر فوعد. وبعثتُ إليه بهديّة من مصر، فقبلها