للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا فيها مكتبين. وكنا نذهب إلى الإدارة كل يوم، وإن لم نكن مكلَّفَين بمثل دوام الموظفين.

ورأيت في مصر شيئاً لم نكن نألفه في الشام ولم يكن يألفه ولا يعرفه الناس هنا في المملكة. رأينا كل موظف إذا وقف بين يدَي رئيسه تضاءل وتصاغر والرئيس يستكبر وينتفخ، فإذا لقي المرؤوس من هو دونه تكبّر عليه واستخذى الآخر بين يديه. ونحن نعرف للرؤساء حقوقهم ولكن في حدود القانون، فإن جاوزوها وأرادوا أن يأخذوا شيئاً من كرامتنا قلنا لهم: لا، ولا كرامة.

وكان اجتماعي في إدارة التشريع بنخبة من أكابر القضاة في مصر لبثنا في صحبتهم سنة كاملة، أمّا القضاة المدنيون منهم فكانوا أكثر منا اطّلاعاً على اجتهادات المحاكم الأجنبية ومباحث علمائها القانونية وعلى الكتب الحقوقية، وكنّا أعرفَ بالفقه وكتبه ومذاهب علمائه، وكان القضاة الشرعيون منهم مثلنا.

وممن كنت أعمل معهم العالِم المحدّث القاضي الشرعي الشيخ أحمد شاكر، ابن شيخ المشايخ محمد شاكر وأخو شيخ الأدباء الأستاذ محمود شاكر، ومنهم من كان اتصالي به أكثر واجتماعي به أطول، أقضي معه ساعات في الإدارة ربما اتصلَت بساعات أخرى أقضيها معه في داره في حيّ السيدة، وهو فقيه واسع الاطّلاع شارك في وضع القوانين الجديدة في مصر (قانون الوصية وقانون المواريث) وألّف في شرحها، وهو الشيخ محمد فرج السَّنْهوري.

وحيّ السيدة هو مدينة «القطائع» التي أنشأها أحمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>