للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشهور، ما أخذوها بقوتهم ولكن بتفرّقنا.

اضطُررت إلى البقاء في حيفا أياماً، فرأيت فيها من الفسوق المعلَن والفواحش الظاهرة -مما حمله إليها اليهود في هذه السنوات القلائل- ما لم أكن أتخيّل وجوده في الخيال فضلاً عن أن أراه بالعين! ذهبت أفتّش عن فندق فمشيت في الشارع الكبير (وأظن أن اسمه شارع الملوك)، سرت فيه إلى اليمين والبحر من ورائي، فلما بدأ الطريق يصعد رأيت فندقاً حسن المظهر، فولجته لأجد لي غرفة أقضي الليل فيها، فإذا على يسار الداخل غرفة واسعة مقدّمتها من الزجاج، لها جدار قصير يُبدي ما وراءه ولا يخفيه، فيها بنات كثيرات ما هن مستترات ولا محتشمات ولا يبدو أنهن موظفات، وإلى اليمين مكتب كالذي يكون في الفنادق. فسألت عنهن فقال لي من هو في المكتب: اختر من تشاء وادفع، واذهب معها إلى غرفتها! وتبيّنت من لهجته وهيأته أنه يهودي.

وعدت أمشي في الشارع فوجدت رجلاً عليه سيما الخير، فسألته عن فنادق البلد، فإذا في أكثرها مثل هؤلاء البنات المومسات. ووجدت أسواق المسلمين وسخة تتراكم فيها القمامات والأقذار، فاجتمعَت وساخة الطرق ووساخة الخلق. ورأيت أشياء لو ذهبتُ أفيض في ذكرها لكنت ممن يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.

وأردت العودة إلى مصر فتعسّر عليّ أن أجد مكاناً في القطار، فقيل لي: اذهب إلى شركة الطيران المصرية. فذهبت وحفظت لي عليها مكاناً، ولم أكن قد ركبت الطائرة من قبل ولم يكن ركوبها للناس مألوفاً ولا معروفاً، وحان موعد قيامها وأنا

<<  <  ج: ص:  >  >>