للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأماني؟ بل العمل:

ترجو النجاةَ ولم تسلُكْ مَسالكَها ... إنّ السفينةَ لا تمشي على اليَبَسِ

* * *

لقد ذكرت وأنا أقرأ هذا الكتاب الذي ورد عليّ مكتوباً على ظهر الصورة، ذكرت مقالة لي في «الرسالة» عن هذه المدرسة، فبحثت في أجزاء الرسالة (وتحت يدي أكثرها) فوجدتها في عدد يوم ٢٥ ربيع الآخر سنة ١٣٦٥، فقلت: أروي للقراء فقرات منها ليروا كيف كنت أكتب قبل أربعين سنة. قلت (١):

ما مررتُ بهذه المدرسة الخَرِبة المعطَّلة وذكرت ما أودعتها من عواطفي وما تركت فيها من حياتي إلاّ تلفّت القلب، وصفا الفؤاد، وانبثقت في النفس خواطر وانبعثت للعين صور أُقِرّ بالعجز عن صوغها ألفاظاً مقروءة وجُمَلاً، ووضعها في هذه القوالب الجامدة الضيقة وهي أشدّ انطلاقاً من النور وأوسع من الزمان.

(إلى أن قلت): فاسألوا هذه الجدران العارية وهذه الغرف الخالية، ويا ليتها تملك النطق فتصف ما رأت! ليتها تعي المغاني وتحدّث المباني، وأنّى؟ وما وعت قلوب الناس ولا وفت حتى يفي الجماد. (إلى أن قلت): لقد عشتُ دهراً لو قيل لي فيه إنه سيأتي عليك يوم تجوز فيه بهذه المدرسة فلا تقف عليها إلاّ


(١) انظر مقالة «وقفة على طلل»، وهي في كتاب «من حديث النفس» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>