للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ألمانيا كأنها أسرة واحدة، ورُبّ أسرة حقيقية فقدت الحب والتعاطف وهؤلاء كُنّ يشكّلن أسرة متحابّة متعاطفة. كانت تعمل هذا كله وهي بالحجاب السابغ والبعد عن المحرَّمات، ثم تعود إلى الدار فتتولى هي جميع أمور الدار، تشتري اللحم والخضر، وأكثر من يبيع ذلك هناك من النساء (لأن زوجها عصاماً مثلي لا يُحسِن شراءً ولا بيعاً) ثم تطبخ وتُعِدّ المائدة في مدّة لو أقيمت مسابقة في السرعة ما ظننت أن أخرى تُعِدّها بأسرع منها. مائدة منسَّقة، وطعام طيب، ووجه طلق.

وهي التي اخترعت هذا الجلباب الذي ترتديه البنات المتديّنات في كثير من بلاد العرب وتحاربه بعض الصوفيات الجاهلات، وكان ذلك من ثلاث وعشرين سنة لمّا جئت مكة وجاءت تزورني فيها، فأخذَت العباءة التي تلبسها هنا النساء فصنعت لها مثل الكم الضيق وقلّلت من عرضها وجعلت لها من أمامها أزراراً وعُرى، ثم انتقلت بها شيئاً فشيئاً حتى صار هذا الجلباب. وهو ما كنت أتمناه من قديم، كنت أكتب من القديم وأدعو في المحاضرات إلى ثوب يخترعه بعض النساء يحقّق الحجاب الشرعي الذي أمر به الله، ويكون سابغاً ساتراً ويكون أنيقاً جميلاً ولا يجلب أنظار الرجال في الطريق، فكان من ذلك هذا الجلباب.

وقد انتشر في الشام ثم في الأردن، ولمّا ولي وزارةَ المعارف (١) أخونا الأستاذ الصالح الداعية الدكتور إسحق الفرحان


(١) لا يسمّونها في الأردن «وزارة المعارف» بل «وزارة التربية والتعليم» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>