شيء سيرَها، ولكن خطرها ولا سيما في جهة اليسار منها (حيث السرعة لا يجوز أن تقلّ عن مئة وعشرين كيلاً) أنها إذا وقفت سيارة لحابسٍ حبسها لم تستطع التي وراءها أن تقف فتصطدم بها. ولقد رأيت مرة بعيني ستّ سيارات قد دخل بعضها ببعض، كأنما جمعَتْها ثم ضغطَتها ذراعا آلة هائلة ذات قوة وجبروت.
وكان أول ما أرونا من متنزَّهات البلد اثنين: واحد عالٍ صعدنا إليه والآخر هبطنا إليه. أما الأول فجُبَيل (جبل صغير) في وسط البلد، حيث تقلّ الجبال في تلك المناطق من شمال أوروبا وتكثر الهضاب الصغيرة. وكنا نسير وسط أشجار تحجب عنا وجهَ السماء وزهور ونجوم (أي شجر صغار) تغطّي ظهر الأرض، فما عرفنا أننا نصعد حتى شعرنا أن الأرض قد مالت من تحتنا فملنا معها، حتى إذا علونا هامة الجبل وجدنا مطعماً واسعاً مستديراً فولجناه وقعدنا نتغدى. فقال لي ابن بنتي أيمن: جدّو، ألم تلاحظ شيئاً؟ قلت: لاحظت أشياء كثيرة جداً، فما الذي تسألني عنه منها؟ قال: لا بل هنا، انظر إلى هذا البناء. قلت: نظرت، فما له؟ قال: حدّد مكانه ثم انظر إليه بعد عشر دقائق. فنظرت بعد عشر دقائق فإذا هو قد مشى. قلت: ما هذا؟ فضحك وقال: إننا نحن ندور؛ المطعم يدور بنا! قلت: شيء عجيب، السلّم يصعد بك بدلاً من أن تصعد أنت عليه، والبلد يدور من حولك بدلاً من أن تدور أنت حوله!
ولمّا جئنا ننزل بعدت أنا والولدان هادية وأيمن عن والديهما أمتاراً معدودة، نزلا من هناك ونزلنا نحن من هنا، ولم نشعر بأننا