للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منتشرة هناك لا يكاد يخلو منها بلد، يجتمعون فيها على الطعام يعده لهم البيت الذي ينزلون فيه. وطعامهم سهلٌ -كما يقولون- هضمه ولكن ساءٍ طعمُه، ما فيه لذة ولا له نكهة. إنه مثل طعام المرضى في المستشفى مسلوق سلقاً. وألذّ طعام طعامُ الشام، ولكنه ثقيل على المعدة يكاد يكون صعب الهضم، ويليه (كما سمعت ولم أذق) الطعام التركي، فيه لذّة وفيه خفّة. أما طعام الشرق الذي رأيته في الباكستان والهند وسنغافورة وأندونيسيا فإن ما فيه من الفلافل التي تُلهِب الحلق وتحرق الأمعاء يمنعني من استطاعة الحكم له أو عليه، وأنّى لي الحكم وفي جوفي هذه النار!

ثم إن النوم في بيوت الشباب في أسّرة ذات طبقات، اثنتين أو ثلاث، وأنا لا أستطيع أن أنام في غرفة فيها آخَر، فكيف لي بالنوم وفوقي أو تحتي نائم غيري، وإن كان بيني وبينه حجاب فلا يصل إليّ ولا أصل إليه؟ ثم إنها بيوت الشباب، وما كنت ولا كانت زوجتي التي تصحبني من الشباب؛ كنت يومئذ (سنة ١٩٧٠) في نحو الثالثة والستين، وزوجتي دوني بعشر سنين، فما لنا وللشباب ولبيوت الشباب؟

لذلك طلبت أن يستأجروا لي على حسابي غرفة في فندق، على شرطي الذي لا أدعه وهو أن يكون حمّامها فيها فلا أُضطر إلى الخروج منها. وقد فعلوا، فانفردنا عنهم. وسافرنا في سيارة لأخ كريم من إخواننا، أو هو على الأصحّ ولد من أولادنا، أصله من حرستا. وهي جارة دوما التي كنت قاضيها سنة ١٩٤٢، ومن مزاياها أن فيها من الزيتون ما يجاوز عمرُ الواحدة من شجره مئةً أو مئة وخمسين سنة، وأنها كانت منزل الشيخ أبي النصر الخطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>