حتى يسأل عنها، وليست «اللي بيتها فوق الطريق» التي سمعتُ فيروز تغنّي بها! درنا كما يدور صاحب السانية حتى وصلنا إليها وعرفنا ما هي، إنها أنبوب ماء يمرّ من فوق طريق فرعي صغير، فقال: الآن عرفت. قلنا: الحمد لله.
وبلغنا بيت الشباب، وكان على سفح جبل صغير في طرف البلد، ووجدناه بناء كبيراً قديماً يعجّ بالنزلاء، وأكثرهم من جماعتنا. وقابلنا أصحابنا، وقلت للذي جاء بي: هلمّ إلى الفندق الذي حجزوه لي. فآثرَت زوجتي أن تبقى مع النساء، والحقّ معها، ولو كنت أستطيع لبقيت أنا أيضاً مع رجالهن لأنهم (أعني الرجال والنساء) من أهل الصلاح وصحبتهم تذكّر بالله وتوقظ القلب الغافل، وإذا أعطيتهم أنا في هذه الرحلة قليلاً من العلم الذي تعلّمته فإنهم أعطوني كثيراً من الإرشاد القلبي والموعظة النفسية.
ووجدت الفندق فخماً والغرفة واسعة، ومن نوافذها نطلّ على مشهد من أجمل المشاهد. وقضيت ليلة مريحة، وتعلّمت تحية الصباح (كودِنْ مورْكِنْ) وسبع كلمات أخرى لا بدّ منها ولا غنى عنها. وكان الموعد الساعة التاسعة من الصباح، وكان الاتفاق أن يجيء إليّ مَن يأخذني إلى بيت الشباب، فلم يحضر أحد ومرّت نصف ساعة. وأنا يغيظني جداً إخلاف الموعد لأنني أُلزِم نفسي به وأنتظر ممّن يعدني أن يُلزِم نفسَه بما ألزمتُ به نفسي وما ألزمَنا به كلينا دينُنا، لا أن يقيّدني ويبقى طليقاً. ونحن نرى إخلاف الوعد هيّناً وهو عند الله عظيم وهو من خصال المنافقين، فمَن كان مبتلى به فليعلم أنه ابتُلي بشعبة من النفاق كما قال رسولالله عليه الصلاة والسلام.