وضاق صدري من الانتظار فقلت: أمشي حول الفندق. ولكن نسيت (وتلك حماقة مني) نسيت أن أحفظ اسمه، فمشيت قليلاً فوجدت حاجزاً له درَج كهربائي يصعد الصاعدون عليه فينزلون من الجهة الأخرى يمرّون على جسر فوق الطريق، فصعدت مصعدهم ونزلت منزلهم، وسرت قليلاً فلم أعُد أرى الفندق ولا الطريق إليه، ولا أعرف اسمه لأسأل عنه، ولا أعرف ما اسم بيت الشباب بالألمانية ولا رقم الهاتف، فضاقت بي الحال واشتدّ الأمر وحرت ماذا أصنع.
والضيق يولّد مخرجاً إن التجأ العبد فيه إلى ربه. فدعوت الله بقلب حاضر فألهمني أن أدقق النظر فيما حولي، فكلما رأيت لوحة على باب متجر أكدّ ذهني أفكّر: هل مررت بها وأنا قادم؟ فإذا تذكرت أني مررت بها وكانت على يميني أجعلها على شمالي لأعود من حيث جئت، وكذلك جعلت أتنقل خطوة خطوة حتى رجعت إلى جسر المشاة الذي يصعد الناس إليه بالسلم الكهربائي، فصعدته ونزلت فإذا أنا أمام الفندق، وإذا أنا لم أسِر إلاّ نحو ثلاثمئة متر.
* * *
وجاء يزورني في اليوم التالي صديق من أصدقائنا الشباب المؤمنين، فأحبّ أن يكرمني على غير رغبة مني، وكان يتكلّم الألمانية كأهلها، فحدّثهم عني حديثاً لست أدري ماذا قال فيه، ولكنه كبّرني ونفخني وأوهمهم بأن لي شأناً عظيماً وطلب أن يُخصَّص لي جناح في الفندق على أن يدفع أجرته هو. وكان