للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسقُونَ مَنْ وَرَدَ البَريصَ عليهِم ... برَدى يُصَفّقُ بالرّحيقِ السَّلْسَلِ

أي يُمزج ماؤه الصافي بالخمرة المعتَّقة التي كانوا يشربونها. أما قصر البريص -إن شاء القرّاء تمام الفائدة- فإنه يقع عند سوق النحّاسين (والسوق قديم، والذي قلته كتبه البلاذري في «فتوح البلدان»)، أمام باب الفرج الذي يُدعى الآن باب المناخِليّة.

* * *

أنا هنا في أكرم البقاع. إن كانت دمشق موطن جسدي وقلبي فإن ها هنا موطن روحي وروح كل مسلم. ومَن ذا يسوّي بالجسد الروح؟ وإن كانت هناك دنياي فها هنا دنياي وآخرتي، وما الدنيا في الآخرة إلاّ متاع. ولكنه وطني، ومَن الذي ينسى وطنه:

وحَبّبَ أوطانَ الرّجالِ إليهِمُ ... مآربُ قَضّاها الشبابُ هُنالِكا

وإن جفاني موطني وقطع أواصر الودّ بينه وبيني ونسي ما صنعت له بلساني وقلمي، فما وجدتُ هنا واللهِ إلاّ البرّ والإكرام، من الملوك الخمسة رحم الله منهم من ذهب للقائه وأطال عمر مَن بقي وزاده من نعمائه ووفّقه إلى رضائه، ومِن كل من تضمّ هذه البقاع الطاهرة، ما لقيت منهم إلاّ كرماً وعطفاً وإحساناً.

دمشق التي صوّرتَها لي ببيانك حتى كأني أراها من جديد. وأين ياسيدي دمشق التي زرتَها ثم جئت فوصفتها؟

أمّا الخيامُ فإنها كخِيامِهم ... وأرى نساء الحيّ غيرَ نسائها

هذه المساجد لا تزال كما كانت، ولكن أين الدروس التي

<<  <  ج: ص:  >  >>