وفروعها. وجاءهما طلاب كثير يتداولون هذه الغرفة حتى قدم هذا الشابّ. تقول: كان مَن قبلَه يسهر الليل ثم يجيء متأخراً، وهذا لم يتأخر يوماً عن موعد صلاة العشاء، وكان مَن قبله يعرضون لها بكلمة أو بنظرة أو بمحاولة لمسة أو قبلة فتلقى منهم أذى، وهذا لم يرفع يوماً بصره إليها ولم يمكّنه منها، وكان يكلّمها على أدب واستحياء، ورأت من خلالِه ومزاياه ما دفعها إلى سؤاله عن سرّ اختلافه عن رفاقه، فأجابها بأنه مسلم. وكانت تسأله المرة بعد المرة عن الإسلام فيحدّثها، حتى دخل الإسلام قلبها فأعلنت إسلامها، وتزوّج بها.
وكذلك تكون الدعوة بالأفعال لا بالأقوال، وكذلك انتشر الإسلام قديماً بالقدوة والأسوة الحسنة.
فيا أيها الدعاة إلى الله: ابدؤوا بالشباب، بالشباب بنين وبنات؛ فإن الدعوات كلها، الطيب منها والخبيث، إنما قامت على عواتق الشباب. فإن استطعتم الوصول إلى قلوبهم وجدتموهم أسرع استجابة وأهون انقياداً وأعظم أثراً، لأنهم إن اعتقدوا زعيماً مشوا وراءه، وإن قبلوا مذهباً أخلصوا له. وإنهم يندفعون فلا يقفون حتى يبلغوا من الطريق آخره، لا يقبلون -كما يقال اليوم- بأوساط الحلول، إنهم يَفْدون المبدأ الذي آمنوا به والزعيم الذي اتبعوه بنفوسهم وأرواحهم. ومن أكثر المفكّرين المحدَثين فهماً لطبيعة الشباب أندريه موروا، وله في ذلك مقالات ومحاضرات.
إنكم ترون بين الشباب والشيوخ عند النظرة الأولى تبايناً واختلافاً، ولكن إن أمعنتم النظر وجدتم الغاية واحدة ولكن