والعجيب -كما قلت قبل قليل- أني رأيت الاتصال بين الطلبة والطالبات أمراً سهلاً، وأحسب أنه لا يمنعه عندهم قانون ولا يستقبحه عرف، فالقوم في أوربا سابقون في تفكيرهم وفي علومهم المادية وفي مدنيتهم الظاهرة، ولكن إن جاءت الأمور التي يسمّونها ««جنسية» هبطوا عن رتبة بني آدم؛ عوراتهم بادية والاختلاط بينهم عامّ، وهذا ما تصنعه البهائم. هل رأيتم أَتاناً (حمارة) تستر عورتها أو تتوارى إذا جاء موسم اجتماعها بقرينها؟ أفتريدون أن يكون قدوتنا الحمير؟!
وعدنا بالسيارة كما جئنا، ومشينا متمهلين فما كان ينتظرنا موعد، وقعدنا في مقهى على نهر الراين أكلنا فيه وشربنا. ولا تسألوني من أين سرت، فلقد كنت حديث العهد بالبلد لا أعرف مسالكها ولا أسماء مدنها ولا قُراها، وإن كانت قرى على المجاز، وإلاّ فهي مدن صغيرة طرقها وبيوتها ومرافقها ونظافتها مثل ما في المدن. وحقّ لنا أن نُعجَب (بضم النون) بذلك، لكن لا نَعجَب (بفتحها) منه ولا نراه شيئاً صعباً ولا متعذراً، فإن عندنا من المال وعند عامّتنا من الإدراك ما نستطيع أن نعمل مثله وخيراً منه على أهون سبيل، إن تعاونت على ذلك البلديات وأرباب المنابر وأصحاب الأقلام والمدرّسون في المدرسة والوُعّاظ في المسجد.
* * *
يكون عند الطفل عشرون لعبة من نفائس اللُّعَب الغوالي، ثم يرى مع ابن الجيران حصاناً من الخشب ما له قيمة ولا فيه فنّ