بلجيكا. ويكفي أن تنظروا في الخريطة إلى حجم بلجيكا وحجم الكونغو (التي تبدّل اسمها بعد الاستقلال فرجعت إلى اسمها القديم، زائير) لتعجبوا من شاة تبلع فيلاً! ما مثلها في ذلك إلاّ جارتها هولندا لمّا كانت تحكم أندونيسيا.
في هذا المتحف من نفائس الآثار المنقولة من تلك الديار ما لا تتسع له الروايات والأخبار. ومن أعجب ما فيه رسالة من المهدي (السوداني) إلى ملك بلجيكا يدعوه فيها إلى الإسلام: "أسلم تسلم"، وأعلام وأسلحة قالوا إنهم غنموها من المهدي. وأنا أعلم أن المهدي حارب الإنكليز وحاربوه، ولكن ما علمت (وما أكثر الذي لم أعلمه) أنه حارب ملك البلجيك.
وفي متاحف أوربا وأميركا، لا في هذا المتحف وحده، نفائس لا يبلغ التقدير حقيقة أثمانها، هي لنا، سُرقت منا في ليل غفلتنا وهجوعنا، لا ندري متى يصبح الصباح علينا فننهض من نومنا ونستردّ هذا الذي سرقوه منا؟ بل نستردّ قبل ذلك فلسطين والبلادَ التي عدا عليها اللصوص في ذلك الليل الطويل الذي نام فيه المسلمون؟
ثم أخذونا إلى «الأتوميوم». وهو صورة مجسَّمة لما يُرسَم في كتب التلاميذ عن الذرّة وتحطيمها، باقٍ من أيام معرض بروكسل الكبير الذي أقيمَ قبل سبع وعشرين سنة على أغلب الظن. وما رأى الذرةَ أحدٌ ولا يمكن من صِغَرها أن يراها أحد، وكان علماؤنا الأولون يسمّونها «الجوهر الفرد» أو الجزء الذي لا يتجزأ، أخذوا ذلك عن اليونان، على أن لهذا الكلام تفصيلاً لا